ظهير صحراوي يشغل مساحة شاسعة من المراكز الواقعة جنوب محافظة الجيزة.

في الوقت الذي تسعى الدولة لاستغلال الثروات الطبيعية الكامنة هناك. يستغل خارجون عن القانون وعورة المناطق الجبلية لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية بحثا عن ثراء مشبوه.

على أطراف مركز أطفيح جنوب الجيزة، جرت الأمور كما خططت لها عناصر شديدة الخطورة اتخذوا جبالها أوكارا لتجارتي المواد المخدرة والسلاح ظنا أنهم باتوا في مأمن وأن سقوطهم في قبضة الشرطة أقرب للخيال. سرعان ما تبددت أحلامهم وتحولت سرابا.

مطلع يناير الجاري وردت معلومات من مصادر سرية إلى رجال المباحث باتخاذ عدد من العناصر الإجرامية بؤرة في عمق الصحراء وكرا لتجارة المخدرات.منذ اللحظة الأولى لتداول المعلومة داخل أروقة إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الجيزة، بدا واضحا أن ضربة استباقية تلوح في الأفق.لم تتوقف رحلة المعلومة الهامة عند مديرية الأمن. تجاوزت أروقة المبنى حديث العهد بالطريق الصحراوي إلى قطاع الأمن العام وتحديدا مكتب مساعد وزير الداخلية اللواء علاء سليم.اهتمام بالغ حظيت به المعلومة من قبل قيادات وزارة القبضة الحديدية وسط توجيهات بتكثيف التحريات حول نشاط تلك البؤرة وإعداد ملف واف عنها.بالعودة إلى قسم شرطة أطفيح، تحول الطابق العلوي الذي يضم وحدة المباحث إلى خلية نحل. اجتماعات متتالية عقدها رئيس قطاع الجنوب العميد أحمد الوتيدي؛ للوقوف على النقاط الرئيسية بخطة البحث.

ماع مغلق أعقب ذلك الاجتماع ترأسه العقيد محمد مختار مفتش فرقة شرق الجيزة، بحضور الرائد أحمد يسري رئيس المباحث ومعاونيه الرائد محمد مجدي والنقيب هشام موسى.بدأ الاجتماع بتلاوة الفاتحة وسط إصرار الحضور على أن تكون تلك الضربة رسالة شديدية اللهجة لك من تسول له نفسه الخروج عن القانون.عدة عوائق واجهت فريق البحث قبيل البدء في جمع المعلومات أبرزها صعوبة عملية الرصد لبعد المسافة إذ تقع البؤرة على عمق 15 كم من الطريق إضافة إلى خطورة تلك العناصر وحيازتهم لأسلحة متطورة.

على مدار 7 أيام عكف رجال المباحث على جمع كل كبيرة وصغيرة بشأن نشاط تلك البؤرة شديدة الخطورة. التحريات أشارت إلى أن المتهمين يتخذون الوكر مصنعا لإنتاج الحشيش ومن ثم ترويجه على عملائهم.هذا ليس كل شئ، مفاجأة كشفتها جهود البحث بأن المتهمين مدججين بأسلحة ثقيلة وبحوزتهم كمية من الذخائرة مختلفة الأعيرة.مع اقتراب ساعة الحسم، ارتفع عدد أعضاء فريق البحث. وصل اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة ونائبه اللواء سامح الحميلي لمشاركة الضباط تطورات القضية لحظة بلحظة .

انتقال إلى العباسية -حيث مقر قطاع الأمن العام- يتابع مساعد الوزير ما وصل إليه فريق البحث حول البؤرة شديدة الخطورة مشددا على أهمية الحيطة والحذر في كل خطوة حرصا على سلامة الأرواح.بعد مرور أسبوع بدت الصورة واضحة، ملف كامل أعده الضباط اتخذ معه مدير المباحث القرار المنتظر.تم تحديد ساعة الصفر فجر الأحد. تنسيق كامل جرى بين الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية للتجهيز للمأمورية المنشودة.مع أول ضوء لفجر أول أمس الأحد، انطلقت تشكيلات من الأمن المركزي والعمليات الخاصة مدعومة بعربات مصفحة وكلاب بوليسية مدربة بالاشتراك مع مباحث الجيزة وفرقة الشرق بقيادة العقيد محمد مختار .

طعت السيارات نحو 15 كيلو مترا وصولا إلى البؤرة. لم يعثر على أحد كما لو ان أصحابها تركوها مستفيدين بعد المسافة بينها وبين الطريق الرئيس.تناغم العناصر المشاركة في المأمورية كان بمثابة مفعول السحر في توجيه ضربة قاصمة لتجار الكيف والسلاح بتلك المنطقة الجبلية.عثرت القوات على “عشة” بداخلها مكس لصنع مخدر الحشيش. وبلغ إجمالي المضبوطات نحو 9 كيلوجرمات علاوة على الأدوات المستخدمة.

ما تمكن العقيد محمد مختار وضباط مباحث أطفيح من ضبط ترسانة أسلحة عبارة عن (10 قواذف آر بي جي، 10 طلقات دفع، 3 أسلحة متنوعة (جرينوف – رشاش سويسي – fn) و400 طلقة مختلفة الأعيرة.نباح الكلاب المستمر أثار شكوك الضباط. حينها طلب قائد المأمورية تتبع خط سير الكلاب لتتوالى المفاجآت.على بعد 500 من العشة، عثر جثتين مدفونتين في بداية حالة التحلل، تبين أنهما لرجلين دون تحديد سبب الوفاة (طبيعية – شبهة جنائية).”تمام يا فندم.. المأمورية حققت نجاحات كبيرة الحمد لله” بهذه العبارة زف أحد القيادات الأمنية الخبر السار للواء طارق مرزوق مدير أمن الجيزة الذي توجه بالشكر لكافة العناصر المشاركة في المأمورية.وتم تحريز المضبوطات ونقل الجثتين إلى مشرحة زينهم تحت تصرف مصلحة الطب الشرعي لتحديد هويتهما وسبب الوفاة؛ ومن ثم كشف باقي عناصر البؤرة الهاربين وضبطهم.