يكتنف هذا الموضوع إثارة لافتة، نظرا للتعداد الوافر من الأسماء التي يطلقها الناس على الطائر المذكور، إذ يعرف بـ”أبو مركوب” أو المعروف أيضا ب “أبو سفاقة”، ويحمل عدة تسميات أخرى كـ “حذاء النيل الأبيض” و “رأس الحوت” و “بجع الموت”، يصل طول هذا الطائر إلى متر وسبعة وثلاثين سنتيمترا تقريبا، بينما يتراوح وزنه ما يصل إلى سبعة كيلوجرامات، أما عرض جناحيه فيمكن أن يمتد لغاية مترين وثلاثين سنتيمترا، كما يمكن أن يبلغ طوله حتى مئة وعشرين سنتيمترا تقريبا، هذا الطائر، القادم من المستنقعات الإفريقية والذي استوطن منذ زمن يمتد لآلاف السنين، يقطن الأقسام الشمالية لنهر النيل، مرورا بالسودان ووصولا حتى أوغندا وما يتجاوزها نحو جنوب الكونغو، يصنف هذا الطائر ضمن فصيلة الديناصورات، بشكل أكثر تحديدًا ضمن فئة تُعرف بـ “الثيروبودا”، على صعيد المواسم التزاوجية أو عند الشعور بالتهديد، يصدر الطائر أصواتًا قوية تُشبه صخب التصفيق وكأنها طلقات المدافع الرشاشة، يستخدم المنقار القوي الذي يتمتع به في تقطيع الأسماك الكبيرة بمهارة، ويشمل نظامه الغذائي الأساسي تناول الضفادع والزواحف وحتى الثدييات الصغيرة.
سر طائر ابو مركوب
يعد طائر أبو مركوب من الطيور المثيرة للعجب والتي يمكن أن يصادفها الإنسان، لقدرته على استقطاب الاهتمام في مختلف مناطق العالم بسبب صيحاته الشبيهة بأصوات طلقات الرشاشات مما يثير الرعب، يتسم هذا الطائر بمنقاره الكبير الذي يحتل المرتبة الثالثة في الحجم بين الطيور كلها، وهو ينتسب لفصيلة (Balaeniceps) وعائلة (Balaenicipitidae) الفريدة، يأتي اسم الطائر نظرًا لتميز منقاره باللمعان والضخامة الزائدة عن حجم الرأس، وقد تم تسميته “أبو مركوب” بسبب تشابه منقاره مع نوع من الأحذية التقليدية الرجالية المعروفة في السودان باسم المركوب، ينتمي هذا الطائر إلى فئة الطيور المائية مثل اللقلق ومالك الحزين، وهو يواجه خطر الاختفاء بفعل التهديدات التي تحيط بموطنه الطبيعي.
تعرف هذه المجموعة من الطيور بأنها تفضل العيش بمفردها ولا تميل إلى الاختلاط بأفراد من نوعها إلا في موسم التزاوج، عادة ما تكون هذه الأنواع النادرة من الطيور مهددة بخطر الانقراض، يتمتع الذكور والإناث في هذه الأنواع بألوان ريش تتدرج بين الرمادي والأزرق، في حين تتميز الصغار بريش أسود لامع مع بقع خضراء، الجزء السفلي للطائر يكون بسيطا مقارنة بالجزء العلوي، وذلك بفضل وجود منقار قوي ورأس كبيرة، حيث يساعد تكوين المنقار الطائر على الصيد بمهارة عالية، كما تتميز هذه الطيور بعيون بارزة تقع في مقدمة الجمجمة مباشرة.
هل يطير أبو مركوب أم لا؟
غالبا ما يتموضع هذا النوع من الطيور في مكانه دون ان يبدي رغبة في الهجرة، لكن، في حال واجهت مواطنه صعوبة في العثور على غذاء، من الممكن أن يتخذ تدابير مؤقتة بحثًا عن محيط أكثر ملائمة، يتقن فن الطيران وهو يثني رقبته إلى الخلف، ويشتهر أيضا ببطء حركته، بالإضافة إلى قدرته على الانزلاق الناعم فوق مياه البحيرات والتناغم مع التيارات الهوائية الصاعدة.
تضع أنثى ما يعرف بطائر أبو المركوب من بيضة إلى ثلاث بيضات، وتمتد فترة حضانتها لنحو شهر، خلال هذا الزمن، يظل الأبوان يقظين لحماية العش وأمانه من أية مخاطر قد تواجهه، ويتعاونان في مهمة جلب الطعام والعناية بالعش، بعد مرور حوالي 35 يوما، يبدآن بالخروج للقنص حيث تكون صغارهما قد وصلت إلى مرحلة قادرة على حماية نفسها، على الرغم من أنها لن تستطيع الطيران إلا بعد ما يقارب 105 إلى 112 يومًا، ويستمر الوالدان في تقديم الرعاية والغذاء لأبنائهما حتى ينالوا الاستقلالية، تصل هذه الطيور إلى مرحلة النضج الجنسي عادة بين العام الثاني والرابع من عمرها، وقد يطول عمر النوع ليصل إلى 35 عامًا إذا تلقى رعاية مناسبة.